مكتبة حمدي الاعظمي
علم الكلام وما يؤول إليه.... 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا علم الكلام وما يؤول إليه.... 829894
ادارة المنتدي علم الكلام وما يؤول إليه.... 103798
مكتبة حمدي الاعظمي
علم الكلام وما يؤول إليه.... 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا علم الكلام وما يؤول إليه.... 829894
ادارة المنتدي علم الكلام وما يؤول إليه.... 103798
مكتبة حمدي الاعظمي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


اسلامي شامل
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
تصور اخي الكريم اختي الكريمه انك تموت وانت مشترك في هذا المنتدى الاسلامي ... كم من الحسنات ستصل اليك .... كم من الدعوات التي سيدعون لك بها .. فسارع اخي اختي بالالتحاق في هذا المنتدى غفر الله لك ..................

 

 علم الكلام وما يؤول إليه....

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المدير العام
المدير العام
Admin


عدد المساهمات : 465
تاريخ التسجيل : 29/06/2010

علم الكلام وما يؤول إليه.... Empty
مُساهمةموضوع: علم الكلام وما يؤول إليه....   علم الكلام وما يؤول إليه.... Empty08/08/10, 05:27 am

بسم الله الرحمن الرحيم

تعريف علم الكلام:
علم الكلام: "علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج ودفع الشبه" .
قال ابن خلدون: "هو علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية" .
وعرف أيضاً بأنه: "علم يبحث فيه عن ذات الله تعالى وصفاته وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون الإسلام" .
وكذلك عرفه طاش كبري زاده، بأنه "علم يقتدر معه على إثبات الحقائق الدينية بإيراد الحجج عليها ودفع الشبه عنها" .

ومثله تعريف صديق خان. "انظر (أبجد العلوم) 2/589".
وعرف أيضاً بأنه: "باب من الاعتبار في أصول الدين يدور النظر منه على محض العقل في التحسين والتقبيح والإحالة والتصحيح والإيجاب والتجويز والاقتدار والتعديل والتحويروالتوحيد والتفكير" .

وسمي علم الكلام بهذا الاسم لعدة أسباب منها:

- أن مسألة الكلام هي من أشهر مباحثه التي وقع فيها نزاع وجدل بين المتكلمين، والمقصود من مسألة الكلام هي مسألة خلق القرآن التي تبنتهاالمعتزلة، ونفوا صفة الكلام عن الله تعالى وأكثروا فيها القيل والقال.

- وقيل لأن العادة جرت عند المتكلمين الباحثين في أصول الدين أن يعنونوالأبحاثهم بـ"الكلام في كذا... إلخ".
- وقيل لأن الكلام والمجادلة والقيل،والقال قد كثر فيه وأصبح سمة لأهله.

نشأة علم الكلام:

من خلال استعراض كتب العقيدة والفرق الإسلامية، يتضح أن الكلام في العقيدةظهر في أواخر عصر الصحابة رضي الله عنهم، ولم يكن بعد قد اتضحت معالمه،وأصبح هو الأصل في تقرير العقيدة، ولكن ضل الكلام في هذه الحقبة في بعض جوانب العقيدة دون البعض وموافقة أغلب المتكلمين لأهل السنة في سائر أبواب العقيدة، حتى إذا اجتمعت هذه الأصول التي تكلم فيها المتكلمون ولملم شتاتهاظهر علم الكلام الذي يمثل الشق والطرف المخالف لأهل السنة في إثبات وتقريرالعقائد ابتداء على أيدي المعتزلة.

وأول ما يطلعنا في كتب العقائد والفرق، الكلام في القدر.

فقد روى مسلم، بسنده عن يحيى بن يعمر، قال: كان أول من قال في القدربالبصرة، معبد الجهني، فانطلقت أنا وحميد بن عبدالرحمن الحميري حاجين أومعتمرين فقلنا: لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، فوافق لنا عبدالله بن عمر بن الخطاب رضيالله عنه داخلاً المسجد، فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله، فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي، فقلت: يا أبا عبدالرحمن إنه قد ظهرقبلنا ناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم وذكر من شأنهم، وأنهم يزعمون أنلا قدر وأن الأمر أنف قال: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم براء مني، والذي يحلف به عبدالله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر، ثم ساق حديث جبريل الطويل المعروف المشهور وسؤاله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان والساعة.
يقول الشهرستاني: "أما الاختلافات في الأصول فحدثت في آخر أيام الصحابة بدعة معبد الجهني وغيلان الدمشقي، ويونس الأسواري، في القول بالقدر، وإنكار إضافة الخير والشر إلى القدر.ثم ظهر القول بخلق القرآن ونفي الصفات على يد الجعد بن درهم، قال بن كثير: "كان الجعد بن درهم من أهل الشام وهو مؤدب مروان الحمار – مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية – ولهذا يقال له: مروان الجعدي – فنسب إليه -، وهوشيخ الجهم بن صفوان، الذي تنسب إليه الطائفة الجهمية الذين يقولون أن الله في كل مكان بذاته" .
وقد روى الإمام البخاري – رحمه الله – في (خلق أفعال العباد) أن خالد بنعبدالله القسري، قام بواسط في يوم أضحى وقال: "ارجعوا فضحوا تقبل الله منكم فإني مضح بالجعد بن درهم زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولم يكلم موسى تكليماً، تعالى الله علواً كبيراً عما يقول الجعد بن درهم ثم نزل فذبحه" ، وكان كذلك عام 188هـ تقريباً.

وفي مقابل غلو الخوارج برز قرن المرجئة والكلام في الإيمان وظهر الكلام في الإرجاء، وإخراج العمل عن مسمى الإيمان، وأول من أظهر هذا القول، ذر ابن عبدالله الهمداني.

روى أن إبراهيم النخعي أنه كان يقول لذر: ويحك يا ذر ما هذا الدين الذي جئتبه، قال ذر: ما هو إلا رأي رأيته.قال: ثم سمعت ذراً يقول: إنه لدين الله الذي بعث به نوح.

وقيل أول من أحدث الإرجاء وتكلم في مسألة الإيمان قيس الماصر، نقل الحافظابن حجر ذلك عن الأوزاعي قال: أول من تكلم في الإرجاء رجل من أهل الكوفةيقال له قيس الماصر.

وقيل أول من أحدثه حماد بن أبي سليمان، شيخ أبي حنيفة، وتلميذ إبراهيمالنخعي، ثم تبعه أهل الكوفة وغيرهم، ذكر ذلك شيخ الإسلام بن تيمية.قال البغدادي: ثم حدث في زمان المتأخرين من الصحابة خلاف القدرية في القدروالاستطاعة من معبد الجهني، وغيلان الدمشقي، والجعد بن درهم، وتبرأ منهم المتأخرون من الصحابة كعبدالله بن عمر، وجابر بن عبدالله، وأبي هريرة، وابنعباس، وأنس بن مالك، وعبدالله بن أبي أوفى، وعقبة بن عامر الجهني،وأقرانهم، وأوصوا أخلافهم بأن لا يسلموا على القدرية ولا يصلوا على جنائزهم، ولا يعودوا مرضاهم، ثم اختلفت الخوارج بعد ذلك فيما بينها.
ثم تأتي البدايات الأولى لوعيدية المعتزلة، والقول بالمنزلة بين المنزلتين، يقول البغدادي: ثم حدث في أيام الحسن البصري خلاف واصل بن عطاءالغزالي، في القدر وفي المنزلة بين المنزلتين وانضم إليه عمر بن عبيد بنباب في بدعته فطردهما الحسن من مجلسه فاعتزلا إلى سارية من سواري مسجدالبصرة فقيل لهما ولأتباعهما "معتزلة" لاعتزالهم قول الأمة في دعواهم أن الفاسق من أمة الإسلام لا مؤمن ولا كافر.

وقال الشهرستاني في معرض الحديث عن البدع والمحدثات التي كانت في أواخر عصرالصحابة أولها بدعة القدر كما مر معنا قال: "ونسج على منوالهم واصل بنعطاء الغزال وكان تلميذ الحسن البصري، وتلمذ له عمر بن عبيد، وزاد عليه فيمسائل القدر... والوعيدية من الخوارج، والمرجئة من الجبرية، والقدرية،ابتدءوا بدعتهم في زمان الحسن واعتزل واصل عنهم، وعن أستاذه بالقول منه بالمنزلة بين المنزلتين، فسمي هو وأصحابه معتزلة، وقد تلمذ له زيد بن عليوأخذ الأصول فلذلك صارت الزيدية كلهم معتزلة".
وهكذا بدأ الكلام في مسائل الاعتقاد وإن كان مفرق لكنه أشبه ما يكون بالسيل يبدأ قطرات ثم ما يلبث أن يتجمع ثم يطبق بعد ذلك الأرض.
وهكذا انتقل علم الكلام إلى طور جديد أكثر تطوراً وأكثر فاعلية ووضوح، على يد الجهم بن صفوان الذي جمع شتات الأقوال السابقة، وأخرجها من مخرج واحد،وصبها في بوتقة واحدة.قال الذهبي – رحمه الله -: "عن الجهم أبو محرزالراسبي مولاهم السمرقندي الكاتب رأس الضلالة ورأس الجهمية كان صاحب ذكاءوجدل... وكان ينكر الصفات وينزه الباري عنها بزعمه ويقول بخلق القرآن ويقولبأن الله في كل مكان" .
يقول الدكتور سفر الحوالي: "أما الجهم بن صفوان فهو رأس الضلالات وأس البليات جعله الله فتنة الناس، وسبباً للإضلال، كما جعل السامري في بنيإسرائيل، وحسبنا أن نعلم أن هذا الرجل الذي كان من شواذ المبتدعة في مطلع القرن الثاني قد ترك من الأثر في الفرق الإسلامية الاثنين والسبعين، ما لايعادله أثر أحد غيره، هذا مع أنه ليس بإمام يحتج بقوله ولا عالم يعتدبخلافة ولا شهد له أحد بخير" .
روى اللالكائي، بسنده عن أحدهم: "قرأت في دواوين هشام بن عبدالملك، إلى عامله بخرسان نصر بن سيار، أما بعد فقد نجم قبلك رجل من الدهرية من الزنادقة يقال له جهم بن صفوان فإن أنت ظفرت به فاقتله وإلا فادسس إليه من الرجال غيلة ليقتلوه" .ونقل الحافظ بن حجر عن ابن أبي حاتم، أن سلم بن أحواز، عامل نصر بن سيارعلى مرو، لما قبض على جهم قال: "يا جهم إني لست أقتلك لأنك قاتلتني، أنتعندي أحقر من ذلك، ولكن سمعتك تتكلم بكلام باطل أعطيت للهعهداً أن لا أملك إلا قتلك فقتله" .

وبظهور الجهم بن صفوان، تحول علم الكلام من طور الإنشاء إلى طور أكثرتناسق، بل إلى طور الظاهرة، وذلك للأثر السيىء الذي تركه الجهم بن صفوان فيالفرق الإسلامية المختلفة، حتى تأثرت هذه الفرق به في قليل أو كثير منأصوله، ولا سيما في الصفات حتى المنتسبون للسنة من أهل الكلام، فهم علىأصوله في كثير من أصول الاعتقاد.
الفروق في العقيدة بين أهل السنة والأشاعرة لصادق عبده السفياني - ص 47

تطور الظاهرة الكلامية

إن الظواهر المختلفة لا تستقر ولا تترعرع إلا بعد أن تمر بمراحل مختلفة، وأطوار عديدة متغيرة، وأزمان متباعدة.

ولقد انتقل علم الكلام بهذه المراحل، والأطوار جميعاً حتى صار ظاهرة تحملالعامة على مقتضاه، وتمثل هذه المرحلة منعطفاً خطيراً في عقيدة الأمة، وذلك لاضطلاع الخلافة الإسلامية عليها، وهو سبق خطير ليس له نظير قبله في تاريخ خلفاء الأمة، وكان ذلك في زمن المأمون العباسي، وهذه هي مرحلة الاستقرارالأول لعلم الكلام.
يقول الشهرستاني: "ثم طالع بعد ذلك شيوخ المعتزلة كتبالفلاسفة حين نشرت أيام المأمون، فخلطت مناهجها بمناهج علم الكلام،وأفردتها فناً من فنون العلم، وسمتها علم الكلام، إما لأن أظهر مسألةتكلموا فيها وتقاتلوا عليها هي مسألة الكلام، فسمي النوع باسمها، وإمالمقابلتهم الفلاسفة في تسميتهم فناً من فنون علمهم بالمنطق، والمنطق والكلام مترادفان" .
يقول شيخ الإسلام – ملاحظاً هذا التطور-: في أواخر عصر التابعين حدث ثلاثةأشياء الرأي، والكلام، والتصوف، فكان جمهور الرأي في الكوفة، وكان جمهورالكلام والتصوف في البصرة.

ومر علم الكلام بمراحل مختلفة يمكن ذكرها فيما يلي:

المرحلة الأولى – وهي مرحلة قدامى المتكلمين، كواصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد، وأبي الهذيل العلاف، وإبراهيم النظام، وغيرهم.
وقد تميزت هذه المرحلة بالتأثر بالمصطلحات اليونانية، وخاصة عند المتأخرين منهم كالعلاف، حيث ترجمت كتب الفلسفة اليونانية، وقد كانت المباحث الكلاميةفي هذه المرحلة متناثرة حسب موضوعاتها التي يتفق الكلام فيها دون وضعقواعد صريحة لهذا العلم، كما خلت هذه المرحلة من الاستعانة بعلم المنطق الأرسطي.

المرحلة الثانية – وهي المرحلة التي دخل فيها الأشاعرة معترك الكلام فيمقابل المعتزلة، وتعد هذه المرحلة أكثر تطوراً، نظراً لوضع قواعد علمالكلام ومقدماته التي يحتاج إليها الدارس مثل إثبات الجوهر – الفرد وغيره

المرحلة الثالثة – حيث تتميز هذه المرحلة بمناقشة كلام الفلاسفة وإدخال ذلكفي علم الكلام كما تتميز أيضاً باستعمال المنطق الأرسطي في مقدمات علمالكلام ودراسة أدلته وبراهينه.المرحلة الرابعة – تتميز بالخلط بين مذاهبالفلسفة والكلام واشتباه الأمر فيها على الكاتب والقارئ جميعاً. ثم التقليدالمحض لتلك الآراء من غير نظر في أصولها.

وهناك أسباب كامنة وراء تفش الظاهرة الكلامية منها:
- تسامح المسلمين: فلقدكانت شروط الفتح الإسلامي تسمح ببقاء بذور الحضارات المختلفة عند طوائفكبيرة من الأهالي الذين واصلوا التمتع بعاداتهم وقوانينهم على شريطة أنيعطوا الجزية، وكان طبيعياً أن تتأسس الروابط والعلاقات بين الفاتحين وأهلالبلاد في وقت مبكر سواء أكان ذلك بسبب الحوار أم بسبب اعتناق الإسلام،وكان قد التحق بالإسلام طوائف وفئام من كل ملة، دخلوا حاملين لما كان عندهم من فلسفات وديانات راغبين أن يصلوا بين الإسلام وبين تلك الأديان والفلسفات، فثارت الشبهات بعد ما هبت على الناس أعاصير الفتن، ولاشك أن هذا التمازج والاختلاط والتوسع في الفتوحات مع السماح ببقاءبذور ورواسب الحضارات السابقة كان له الأثر في نشأة علم الكلام ولم يستطعالمصلحون أن يواجهوا تلك الفتنة وإخمادها بل على العكس من ذلك.
- ما إن فتحتالبلدان على المسلمين، وتوسعت الرقعة التي يظلها الإسلام بظله، حتى تأثرالمسلمون بما وفد عليهم من عوامل ومؤثرات، وحتى اختلطوا بأبناء الأممالمفتوحة الذين كانوا متأثرين بسابق حضارتهم، وما تحمله ثقافتهم ودياناتهم من أفكار ومعتقدات بل ومناهج نظر وبحث، تختلف باختلاف تلك الأمم، إلى جانبأن الكثير من أبناء الأمم قد دخلوا الإسلام حاملين ذلك التراث المثقل بركام التصورات القديمة، والمناهج الضالة فكانوا كبذور فتنة ألقيت في تربةالإسلام، فتأثربهم من تأثر من أبناء المسلمين وركبوا من المناهج مراكب الوافدون، فجاءت الثمار تحمل مناهج استدلال غير المنهج الذي عرفه السلف من الصحابةوالتابعين، ولا يغيب عن أذهاننا أن بعض من دخل في الإسلام لم يدخل إلا لبث
الشبهات وزلزلة العقائد ودس المناهج الضالة، والمتأمل في رؤوس الضلالةورواد البدعة سيجد أن أغلبهم من بقايا الديانات والفلسفات التي سحقهاالإسلام مثل اليهودية والنصرانية والمجوسية.
- وهناك سبب آخر من أهم أسبابانتشار الظاهرة الكلامية، ذلك السبب هو حركة التعريب – الترجمة – لكتبالفلسفة والمنطق، وهي من أعظم أبواب الشر التي فتحت في زمن المأمون، فكثرتعريب كتب فلاسفة اليونان الأوائل مما كان له أسوأ الأثر في تكدير صفوالعقيدة، وبلبلة الناس وشغلهم بالمنطق الإغريقي عن الكتاب والسنة حيث ترجمتالعديد من الكتب مثل كتاب (الطبيعة) وكتاب (ما بعد الطبيعة) لأرسطو، وترجمكتاب (كليلة ودمنة) وكثير من كتب الكيمياء والطب والنجوم مثل (المجسطي) ،وكتاب (الحكم الذهبية) لفيثاغورث، ومصنفات أبقراط وجالينوس وكتاب (طيماوس) لأفلاطون، و(السياسة) له أيضاً، وكتاب (النواميس)، و(جوامع المحاورات) له أيضاً.

ولعل السر يكمن في أن أغلب المترجمين كانوا غير المسلمين، مثل يحيىالبطريق، وجورجس بن جبرائيل، وتيادورس، وعبدالمسيح بن ناعمة الحمصي، وقسطاابن لوقا البعلبكي، وحنين بن إسحاق وغيرهم.قال الإمام السفاريني: "قال
العلماء إن المأمون لما هادن بعض ملوك النصارى أظنه صاحب قبرص، طلب منهخزانة كتب اليونان، وكانت عندهم مجموعة في بيت لا يظهر عليه أحد، فجمع الملك خواصه من ذوي الرأي واستشارهم في ذلك فكلهم أشاروا بعدم تجهيزها إليه إلا مطران واحد فإنه قال جهزها إليهم فما دخلت هذه العلوم على دولة شرعيةإلا أفسدتها وأوقعت بين علمائها، وحدثني من أثق به أن شيخ الإسلام ابنتيمية – روح الله روحه – كان يقول: ما أظن أن الله يغفل عن المأمون ولابدأن يقابله على ما اعتمده مع هذه الأمة من إدخال هذه العلوم الفلسفية بين أهلها" .وفي هذه الأثناء مد أهل البدعة رواق بدعتهم وتنفذوا على البلاد والعباد وصارتالمنابر والحلق والقضاء حكراً عليهم وضيق على أهل السنة ونالهم العنتالشديد.

وهكذا ظل علم الكلام يترقى في مراحله المذكورة سابقاً حتى صارت مباحثه مختلطة بالمباحث الفلسفية البحتة وصار هو الطريق المعبر عن عقيدة المسلمينعلى ما فيه من أغماض وتعقيد وتكلف يصعب على العلماء أنفسهم فهم أغلب مباحثهومصطلحاته، هذا عابه السلف وإن لهم منه موقف.
الفروق في العقيدة بين أهل السنة والأشاعرة لصادق عبده السفياني - ص 58

موقف السلف الصالح من علم الكلام:

لقد كان موقف السلف الصالح من علم الكلام موقفاً حازماً هو المنع من تعاطيهذا العلم والاشتغال به ومجالسة أصحابه أو حتى الرد عليهم وذلك أنهم نظرواإلى منهج الرسالة من الكتاب والسنة، فوجدوه قد انتهج منهجاً خاصاً في تقريرالعقيدة الإسلامية، فاتجه إلى العقل الإنساني والفطرة البشرية يخاطب ماجبلت عليه من حقائق تجعل الإيمان بوجود الخالق وضرورة عبادته وحده أمراًبديهياً، لا حاجة فيه إلى الجدل والسفسطة، وأن الإسلام مبناه على الخضوعوالاستسلام.

ثم نظروا إلى الأصول والمحاضن التي نشأ فيها علم الكلام، فوجدوا أن علمالكلام ترعرع في بيئة وثنية خالية من التوحيد، أساسه الفلسفة اليونانية،وبيئة المجتمع الإغريقي الإباحي المنحل، فأطلقوا صيحات الإنذار إشفاقاً علىهذه الأمة من أن تأخذ مأخذ الأمم السابقة فكثرت أقوالهم في التحذير من علمالكلام، وهذه الورقات مع ما سبق طرحه من الأمر بلزوم السنة يعطنا صورواضحة متكاملة عن حرص السلف الصالح الكرام على هذه الأمة، وإليك نماذج منأقوالهم المحذرة من علم الكلام.يقول الإمام أحمد في رسالته للخليفة المتوكل في أمر القرآن: "ولست بصاحب كلام ولا أرى الكلام في شيء من هذا، إلا ماكان في كتاب الله – عز وجل – أو في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عنأصحابه أو عن التابعين فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محمود" .

وعن صالح بن أحمد بن حنبل قال: كتب رجل إلى أبي فسأله عن مناظرة أهل الكلاموالجلوس معهم فأملى علي جوابه."أحسن الله عاقبتك ودفع عنك كل مكروه ومحذور، الذي كنا نسمع وأدركنا عليه من أدركنا من أهل العلم أنهم كانوايكرهون الكلام والخوض مع أهل الزيغ وإنما الأمر بالتسليم والانتهاء إلى مافي كتاب الله – جل وعلا" .وقال: "لا يفلح صاحب كلام أبداً ولا أرى أحداً نظر في الكلام إلا في قلبه دغل" .
وعن الإمام الشافعي – رحمه الله – قال: "إياكم والنظر في الكلام فإنالرجل لو سئل عن مسألة الفقه فأخطأ فيه كان أكثر شيء أن يضحك منه عليه، ولوسئل عن مسألة في الكلام فأخطأ فيها نسب إلى البدعة لقد رأيت أهل الكلاميكفر بعضهم بعضا، ورأيت أهل الحديث يخطئ بعضهم بعضا، والتخطئة أهون منالكفر" .
وقال أيضاً: "لأن يبتلى المرء بكل ذنب نهى الله عنه ما عدا الشرك، خير له من الكلام" .وقال أيضاً: "لقد اطلعت من أصحاب الكلام على شيء ما ظننت أن مسلماً يقول ذلك" .وقال أيضاً: "حكمي على أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف بهمفي القبائل والعشائر، فيقال هذا جراء من ترك الكتاب والسنة، وأقبل علىالكلام" .
وقالالإمام مالك: "إياكم والبدع، قيل: يا أبا عبدالله ما البدع؟، قال: أهلالبدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته، وكلامه، وعلمه، وقدرته، ولايسكتون عما سكت عنه الصحابة وتابعيهم" .وقال أيضاً: "كلما جاءنا رجل أجدل من رجل، تركنا ما نزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم لجدله" .
وقال أبو يوسف – من الحنفية -: "من طلب المال بالكيمياء أفلس، ومن طلب الدين بالكلام تزندق" .
وقال أبو محمد البربهاري: "واعلم أنها لم تكن زندقة، ولا كفر، ولا شكوك،ولا بدعة، ولا ضلالة، ولا حيرة في الدين، إلا من الكلام، وأهل الكلام" .وقال أيضاً: "وإذا أردت الاستقامة على الحق، وطريق السنة قبلك، فاحذر الكلام، وأصحاب الكلام" .
وقال الإمام الدارمي – بعد ذكره لمقتل الجعد بن درهم، عن أهل الكلام -: "ثم لم يزالوا بعد ذلك مقموعين، أذلة مدحورين، حتى كان الآن بأخرى، حيث قلتالفقهاء، وقبض العلماء، ودعا إلى البدع دعاة الضلال، فشد ذلك طمع كل متعوذفي الإسلام من أبناء اليهود والنصارى وأنباط العراق، ووجدوا فرصة للكلامفحدوا في هدم الإسلام، وتعطيل ذي الجلال والإكرام، وإنكار صفاته وتكذيبرسله وإبطال وحيه، إذ وجدوا فرصتهم وأحسوا من الرعاع جهلاً، ومن العلماءقلة، فنصبوا عندها الكفر للناس إماماً، بدعوتهم إليه وأظهروا لهم أغلوطات من المسائل، وعمايات من الكلام ليغالطوا بها أهل الإسلام" .

هذا كلام أهل العلم الأساطين الأثبات، أخذنا منه قطرة من فيض عطائهم، وكلامهم في التحذير من علم الكلام والاشتغال به.

فيا ترى ما هو قول هذا الفن ممن اشتغل حياته بتحصيله والنظر فيه والاستدلال بموجبه إليك بعضاً من كلامهم.

يقول أبو حامد الغزالي: فإن قلت: فعلم الجدل والكلام مذموم كعلم النجوم أوهو مباح أو مندوب إليه؟ فاعلم أن الناس في هذا غلواً وإسرافاً، في أطراففمن قائل إنه بدعة وحرام وأن العبد إن يلقى الله بكل ذنب سوى الشرك خير لهمن أن يلقاه بالكلام، ومن قائل إنه فرض إما على الكفاية وإما على الأعيانوأنه أفضل الأعمال وأعلى القربات، فإنه تحقيق لعلم التوحيد ونضال عن دينالله، وإلى التحريم ذهب الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل وسفيان وجميع أئمةالحديث من السلف..
وقد اتفق أهل الحديث من السلف على هذا، لا ينحصر ما نقلعنهم من التشديد فيه قالوا ما سكت عنه الصحابة مع أنهم أعرف بالحقائق وأفصحفي ترتيب الألفاظ من غيرهم – إلا لما يتولد من الشر -.وكذلك قال صلى اللهعليه وسلم: ((هلك المتنطعون)).، أي المتعمقون في البحث والاستقصاء واحتجوا أيضاً بأن ذلك لو كان منالدين لكان أهم ما يأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعلم طريقه ويثني على أربابه...
فإن قلت فما المختار عندك؟ فأجاب: فيه منفعة وفيه مضرة فهوفي وقت الانتفاع حلال أو مندوب أو واجب كما يقتضيه الحال وهو باعتبار مضرتهفي وقت الاستقرار ومحله حرام، فأما مضرته فإثارة الشبهات وتحريف العقائدوإزالتها عن الجزم والتصميم وذلك مما يحصل بالابتداء ورجوعها بالدليل مشكوك فيه ويختلف فيه الأشخاص فهذا ضرورة في اعتقاد الحق وله ضرر في تأكيداعتقاد البدعة وتثبيتها في صدروهم.بحيث تنبعث دواعيهم ويشتد حرصهم علىالإصرار عليه لكن هذا الضرر بواسطة التعب الذي يثور من الجدل، أما منفعتهفقد يظن أن فائدته كشف الحقائق ومعرفتها على ما هي عليه وهيئتها فليس فيالكلام وفاء بهذا المطلب الشريف ولعل التخبيط والتضليل أكثر من الكشفوالتعريف، وهذا إذا سمعته من محدث أو حشوي ربما خطر ببالك أن الناس أعداءما جهلوا فاسمع هذا ممن خبر الكلام ثم قلاه بعد حقيقة الخبرة وبعد التغلغل فيه إلى منتهى درجة المتكلمين وجاوز ذلك إلى التعمق في علوم أخرى سوى نوعالكلام وتحقيق أن الطريق إلى المعرفة في هذا الوجه مسدود ولعمري لا ينفعك الكلام عن كشف وتعريف وإيضاح لبعض الأمور ولكن على الندور.
أما كبير المتكلمين الذي يدور على مقالاته مذاهبهم أوحد زمانه في المعقولوالمنقول أبو عبدالله الفخر الرازي، فقد أوصى عند موته كما في كتاب (عيونالأنباء) فقال: "وكنت أكتب في كل شيء شيئاً، لا أقف على كميه وكيفيه سواءكان حقاً أو باطلاً غثاً أو سميناً.. ولقد اختبرت الطريق الكلامية والمناهجالفلسفية فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة التي وجدتها في القرآنالعظيم، لأنه يسعى في تسليم العظمة والجلال بالكلية لله تعالى ويمنع عنالتعميق في إيراد المعارضات والمناقصات، وماذاك إلا العلم بأن العقولالبشرية تتلاشي، وتضمحل في تلك المضايق العميقة والمناهج الخفية.. وأقولديني متابعة محمد سيد المرسلين وكتابي هو القرآن العظيم وتعويلي في طلبالدين عليهما" .
وأما الإمام الجويني، فإنه ندم على ما كان منه من تضييع عمره في تحصيل علمالكلام ونهى أصحابه عن الخوض فيه فقال: "يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام فلو عرفت أن الكلام يبلغ إلى ما بلغ ما اشتغلت به، وقال عند موته: لقد خضتالبحار الخضم وخليت أهل الإسلام وعلومهم ودخلت في الذي نهوني عنه والآن فإنلم يتداركني ربي برحمته، فالويل لابن الجويني ها أنا أموت على عقيدة أميأو قال – على عقيدة عجائز نيسابور، وقال: اشهدوا علي أني رجعت عن كل مقالة يخالف فيها السلف" .
ولقد اقتصرنا في سرد أقوال بعض المتكلمين وتركنا آخرين لكفاية ما ذكرنا،فرجوع هؤلاء الأكابر وقضاؤهم على النظر المتعمق فيه بما سمعت، بعد أن أفنوافيه أعمارهم من أوضح الحجج على من دونهم وبطلان مأخذهم واشتغالهم بعلم الكلام واستدلالهم بموجبه.ومن رام علم ماحظر عنه علمه، ولم يقنع بالتسليم فهمه حجبه مرامه عن خالص التوحيد وصافيالمعرفة وصحيح الإيمان فيتذبذب بين الكفر والإيمان والتصديق والتكذيبوالإقرار والإنكار موسوساً تائهاً شاكاً لا مؤمناً مصدقاً ولا جاحداًمكذباً.
الفروق في العقيدة بين أهل السنة والأشاعرة لصادق عبده السفياني - ص 63

دمتم في حفظ الله ورعايته
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aladhami.ahlamountada.com
 
علم الكلام وما يؤول إليه....
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مكتبة حمدي الاعظمي  :: مكتبة العقيدة والتوحيد-
انتقل الى: