أختي العزيزة:
إني أرى فيك وجهًا مشرقًا يعلوه التفاؤل، وقلبًا مؤمنًا يملؤه اليقين
والرضا، فاللهم لك الحمد على ما كتبت وقدَّرت {فَعَسَى أَنْ
تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} كم يحتاج الواحد منا إلى التعايش مع واقعه؛ فإن
المرء لا يدري أين مكمن الخير ومحلّه، ولذا يخاطبنا الله سبحانه بقوله:{وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}. ومن هنا
ومن هذا الأساس المتين تنطلق كلماتي إليكِ أخيتي المطلقة، يا من دخلتِ
عشَّ الزوجية ثم ما لبثت الأقدار حتى فرّقت بينك وبين زوجك، ثم أصبحوا
يقولون: مطلقة! وماذا تعني كلمة مطلقة؟! أيعني أنها ماتت وانتهت صفحتها؟!
أو يعني أنها أصبحت بدون جدوى ولا فائدة؟! لا والله ومن كان هذا فكره فهو
بعيد كل البعد عن الواقعية والعدل، وقبل ذلك كله بعيد عن هدي القرآن
والسنة ، وإني أخيتي المباركة أوصيك في رسالتي هذه بالآتي:
أولاً:
استقبلي ما أنت فيه بالتفاؤل وحسن الظن بالله تعالى، وتكيفي مع واقعك
الجديد بكل أمل ورحابة صدر، فإن الله عز وجل يقول:{وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ
الضَّالُّونَ}
نعوذ بالله من الضلال والخذلان، فأحسني
الظن بالله فوالله لله أرحمُ بكِ من نفسكِ، وتوقعي الخير دائماً، وأبشري
فلستِ أول مطلقة، ولن تكوني آخر مطلقة !
ثانياً:
مارسي حياتك بكل جوانبها المشرقة، فبسماتك تعلو محيَّاك، وزيارتك لأرحامك
وأقاربك كما هي بل لعلها تزداد، وإن كنت موظفةً فها أنت تلك المُجِّدة
المخلصة في عملها.
ثالثاً: لا
تغلقي دونك الأبواب، فلعل الرجل الذي يرقى إلى مستواكِ ـ من خلق ودين ـ
قادمٌ بإذن الله فالطيبات للطيبين والطيبون للطيبات.
رابعاً: كم
يحتاج الواحد منا في كل جرة نفَس إلى تعلقٍ بالله تعالى، تعلقٍ يجعل القلب
يمتلئ إيماناً ويقيناً بما عند الله وبما يقدّره سبحانه؛ فلا يحتاج إلى
الناس، كم نحن في حاجة ماسة إلى الله العظيم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ
الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }فورد من القرآن لا تتنازلين عنه، ووتر من الليل
ومناجاة ودعاء ودمع وخشوع بين يدي الله الرحيم الودود هي والله حياة
القلب وروحه وسكنه، وبدون ذلك لا طعم للحياة بل أف للحياة بدون التذلل
والخضوع لرب الكون ومالكه.
خامساً:
أشغلي وقتك بكل نافع ومفيد يقول حبيبنا صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون
فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) وليكن فراغك إنجازات تتلوها إنجازات،
ولاتحتقري من العمل شيئًا؛ فكل عمل يقرّب إلى الله إنجاز، وكل مساعدة
للناس في شؤون حياتهم إنجاز، فأشغلي نفسك في أوقات الفراغ بما يقربك من
مولاكِ، وإني أقترح عليك أن تبدئي في حفظ القرآن الكريم وتجتهدي في تعلمه
والعيش معه وبه.
أيتها المؤمنة:
ثقي أن ما حصل لكِ من قدر الله؛ ولعل فيه رفعةً لقدْرك عند الله تعالى،
فإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، ثم انظري إلى الأمام؛ فأمامك أياماً مشرقة
ملؤها السعادة والفرح بإذن الله، وإني أسأل الله أن يسعدك ويُسْعِدَ بكِ
ويوفقك لكل خير تأملينه ويدفع عنك كل مكروهٍ تحذرينه، وتقبلي خالص تحياتي
وعاطر أمنياتي، والسلام.