سيرة الصحابي الراشد علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين
رضي اله عنه
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى: { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً }(الأحزاب).
نسب الامام علي و كنيته
هو أبو الحسن علي بن أبي طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم ولد الامام علي قبل البعثة بعشر سنين وتربى في حجر النبيّ صلى الله عليه وسلم وفي بيته، أول من أسلم بعد خديجة وهو صغير، كان الامام علي يلقب حيدرة وكنّاه النبيّ صلى الله عليه وسلم أبا تراب.
ولمّا هاجر النبيّ صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة أمر الامام علي أن يبيت على فراشه وأجله ثلاثة أيام ليؤدي الأمانات التي كانت عند النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى أصحابها ثم يلحق به إلى المدينة فهاجر الامام علي من مكة إلى المدينة المنورة ماشياً.
شهد الامام علي المشاهد كلها مع النبيّ صلى الله عليه وسلم إلا غزوة تبوك واصطفاه النبيّ صلى الله عليه وسلم صهراً له وزوجه بنته فاطمة الزهراء وأعطاه اللواء يوم خيبر ففتحها، واقتلع باب الحصن، كان الامام علي رضي الله عنه وكرم وجهه آدم اللون، أدعج العينين عظيمها، حسن الوجه، ربعة القد، كثير الشعر عريض اللحية، أصلع الرأس، ضحوك السن، أشجع الصحابة وأعلمهم في القضاء، وأزهدهم في الدنيا لم يسجد لصنم قط رضي الله عنه.
فضائل الامام علي هذا العالم العامل الزاهد:
كان الامام علي رضي الله عنه وأرضاه غزير العلم، زاهداً ورعاً شجاعاً وقد ورد عن الإمام أحمد رضي الله عنه أنه قال: "ما جاء لأحد من فضائل ما جاء لعلي". ويكفي الامام علي خصوصية أنه من المغفور لهم حيث جاء في حديث عبد الله بن مسلمة عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن غفر الله لك وإن كنت مغفورا لك؟ قال: قل لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله ربّ العرش العظيم الحمد لله ربّ العالمين" أخرجه الترمذي.
وعن عائشة بنت سعد قالت: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجحفة فأخذ بيد علي فخطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "أيها الناس إني وليكم" قالوا: صدقت يا رسول الله ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال: "هذا وليي ويؤدي عني دَيني وأنا موالي من والاه ومعادي من عاداه" أخرجه النسائي في خصائص أمير المؤمنين.
فضائله رضي الله عنه
ابن عم النبي الكريم صلوات الله وسلامه وزوجه بنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها, وكان شجاعاً مقداماً
أسلم وهو صغير رضي الله عنه فكان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر وفي كل المشاهد .
عن أبي هريرة وغيره: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر:))لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ,ويحبه الله ورسوله ,ويفتح الله على يديه )) قال عمر :فما أحببت الإمارة قبل يومئذٍ,قال :فدعا عليّاً فدفعها إليه))
و أخرج أحمد :أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال )) من كنت مولاه فعليٌّ مولاه )).قال الذهبي حديث صحيح
وثبت أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعليّ((أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى,غير أنه لانبي بعدي )) أخرجه البخاري ومسلم .
وقال علي :إنه لعهد النبي صلى الله عليه وسلم إليَّ أنه ((لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق))أخرجه مسلم والترمذي ,وصححه
وكان الصحابة رضي الله عنهم يقدرون علي رضي الله عنهم ويحترمونه ويعترفون بفضله ..
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : علي ٌّ أقضانا.
فروي أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أنه قال (( عليٌّ أفضل مني )).
وكان عمر يتعوذ بالله من معضلةٍ ليس لها أبو حسن .
قال ابن مسعود :كنا نتحدث أنَّ أقضى أهل المدينة علي .
وكان أبو بكر رضي الله عنه يحبه كما كان يحبه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جميعاً وأولاده لقرابته من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ومن ذلك ماذكره الذهبي رحمه الله عن عقبة بن الحارث:
صلى بنا أبو بكرٍ العصرَ , ثم قام وعليٌ يمشيان ,فرأى الحسن بن علي يلعب مع الغلمان (وكان الحسن شبيهاً بالنبي صلى الله عليه وسلم ) فأخذه أبو بكر ,فحمله على عنقه ,وقال:
((بأبي شبيه النبي * ليس شبيه بعلي )) ,وعلي رضي الله عنه يبتسم .
والحسن والحسين من أبناء علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين وهما سيدا شباب أهل الجنة .
وروي عن عمربن عبدالعزيز رحمه الله أنه قال: أزهد الناس في الدنيا عليٌّ بن أبي طالب
الامام علي رجل يحبه الله ورسوله:
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: " لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه". قال عمر بن الخطاب: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ قال: فتساورت لها رجاء أن ادعي لها قال: فدعا علي بن أبي طالب فأعطاه إياها ثم قال: امش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك. قال فسار علي شيئاً ثم وقف ولم يلتفت فصرح: يا رسول الله على ماذا أقاتل الناس؟ قال: "قاتلهم حتى يشهدوا أنْ لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله". رواه مسلم.
وكان الامام علي كرّم الله وجهه لا يجد حراً ولا برداً بعد أن دعا الرسول له قائلا: "اللهم اكفه أذى الحر والبرد". فكان الامام علي رضي الله عنه يخرج في البرد في الملاءتين ويخرج في الحر في الخشن والثوب الغليظ". أخرجه النسائي في خصائص أمير المؤمنين.
وكان الامام علي ذا قوة متميزة، فقد روى الطبراني عن أحد الصحابة أنه قال: "خرجنا مع علي بن أبي طالب حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من اليهود فطاح ترسه من يديه، فتناول الامام علي بابا كان عند الحصن فتترس به عن نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه الامام علي من يده حين فرغ فقد رأيتني في نفر سبعة نجهد على أن نقلب ذلك الباب فلم نستطع.
من أقوال الامام علي ومواعظه المأثورة:لقد كان لسيدنا الامام علي كرم الله وجهه أقوال ومواعظ كثيرة منها أنه قال: "إن أخوف ما أخاف اتباع الهوى وطول الأمل، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة." وقال الامام علي أيضا: "ارتحلت الدنيا وهي مدبرة وارتحلت الآخرة وهي مقبلة ولكل واحدة منها بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، اليوم العمل ولا حساب وغدا الجزاء ولا عمل" رواه البخاري.
خلافته رضي الله عنه
بعد مقتل الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه ظلماً على يد الخوارج تفرق الناس فأراد كثير من الصحابة اجتماع الأمر إلى رجل يبايعونه حتى لا يتعاظم أمر أعداء الدين فبايعوا خير من كان موجوداً من الصحابة أمير المؤمنين الإمام القدوة العابد الزاهد التقي الورع علي بن أبي طالب رضي الله عنه
قتال الخوارج
تجرأ الخوارج على خليفة المسلمين عثمان بن عفان وقتلوه ظلماً واندسوا بين المسلمين وضمرو الشر في نفوسهم لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .لكنهم ظهروا للناس عندما رفضوا التحكيم و الصلح الذي كان بين أمير المؤمنين علي ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم وخرجوا على علي رضي الله عنه واجتمعوا في مكان يقال له حروراء فاتجه لهم الفارس الشجاع أمير المؤمنين بجيش والتحم معهم في معركة شديدة انتهت بانتصار أمير المؤمنين عليهم .وكان الخوارج قد قتلوا عبدالله بن خباب بن الأرت وامرأته رضي الله عنهم عندما سألوه عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ؟فذكرهم بخير فغضب الخوارج لذلك وقتلوه فاتجه لهم علي رضي الله عنه بعد هذه الحادثة فانتصر عليهم وقتل رؤوس الخوارج ومنهم عبد الله بن سبأ .
ستشهاد أبو الحسن رضي الله عنه
ظل الخوارج يضمرون الشر للصحابة رضي الله عنهم حتى بعد قتل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه رؤوسهم في حروراء .
اجتمع ثلاثة من الخوارج على قتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه,ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ,وعمرو بن العاص رضي الله عنه في ليلة واحدة ,واتفقو ا أن يكون الغدر بالصحابة في ليلة سبع عشرة من رمضان
فطعن الخارجي –عبدالرحمن بن مُلْجم- أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو خارج لصلاة الفجر وتوفي منها رضي الله عنه وأرضاه , وفشل الخارجيان الآخران في قتل معاوية وعمرو رضي الله عنهما ,وتم قتل الخارجي –ابن ملجم –لإقدامه على هذا الفعل الشنيع والعظيم بقتله الخليفة الراشد الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ,
وصلى على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ابنه الحسن رضي الله عنه ودفنه وكان ذلك عام 40 للهجرة النبوية الشريفة وتولى الخلافة الحسن بن علي رضي الله عنه ولكي يصلح بين المسلمين تنازل عن الخلافة لمعاوية رضي الله عنه فسمي ذلك العام
عام الجماعة.
وفات الامام علي رضي الله عنه:
لمّا كثر أهل الفتن وتعددت فرق الضلال تآمر بعضهم وتواعد لسبع عشرة ليلة من شهر رمضان سنة أربعين هجرية، فوثب ابن ملجم وقد خرج الامام علي رضي الله عنه إلى صلاة الصبح فضربه بالسيف في جبهته فكانت وفاة أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه لإحدى وعشرين من شهر رمضان سنة أربعين عن ثلاث وستين أو تسع وخمسين سنة من عمره فكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر.
ومن الأحداث في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه:-• ظهور الخوارج واختبائهم بين المسلمين وتحريضهم المسلمين لنشر التفرقة بينهم و محاولتهم المتعددة لقتل الصحابة كعلي ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم
• استشهاد الكثير من الصحابة رضي الله عنهم منهم :عمار بن ياسر, وطلحة بن عبيد الله , ومحمد بن طلحة(السَجَّاد)
• استشهاد الزبير بن العوام ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم (قتله أحد الخوارج ) .
• وفاة صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه وكان عمره ما يقارب السبعين سنة.